ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ * أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ
لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً * يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي
جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي * جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ
يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ * لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ
لَقَد أَنَلتُكَ أُذناً غَيرَ واعِيَةٍ * وَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ
يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَداً * أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ
يا نَفسُ دُنياكِ تُخفى كُلَّ مُبكِيَةٍ * وَاِن بَدا لَكِ مِنها حُسنُ مُبتَسَمِ
صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ * فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ
وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ * وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ
اِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفرانِ لي أَمَلٌ * في اللَهِ يَجعَلُني في خَيرِ مُعتَصِمِ
أَلقى رَجاي اِذا عَزَّ المُجيرُ عَلى * مُفَرِّجِ الكَرَبِ في الدارَينِ وَالغَمَمِ
اِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ * عِزَّ الشَفاعَةِ لَم أَسأَل سِوى أُمَمِ
وَاِن تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍ * قَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَدَمِ
لَزِمتُ بابَ أَميرِ الأَنبِياءِ وَمَن * يُمسِك بِمِفتاحِ بابِ اللَهِ يَغتَنِمِ
مُحَمَّدٌ صَفوَةُ الباري وَرَحمَتُهُ * وَبُغيَةُ اللَهِ مِن خَلقٍ وَمِن نَسَمِ
وَنودِيَ اِقرَأ تَعالى اللَهُ قائِلُها * لَم تَتَّصِل قَبلَ مَن قيلَت لَهُ بِفَمِ
هُناكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَنِ فَاِمتَلَأَت * أَسماعُ مَكَّةَ مِن قُدسِيَّةِ النَغَمِ
سَرَت بَشائِرُ باِلهادي وَمَولِدِهِ * في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ
أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِم * اِلّا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ
أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً اِذ مَلائِكُهُ * وَالرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ
لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفّوا بِسَيِّدِهِم * كَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ
صَلّى وَراءَكَ مِنهُم كُلُّ ذي خَطَرٍ * وَمَن يَفُز بِحَبيبِ اللَهِ يَأتَمِمِ
جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِم * عَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ
مَشيئَةُ الخالِقِ الباري وَصَنعَتُهُ * وَقُدرَةُ اللَهِ فَوقَ الشَكِّ وَالتُهَمِ
حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَها * عَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ
وَقيلَ كُلُّ نَبِيٍّ عِندَ رُتبَتِهِ * وَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاِستَلِمِ
يا رَبِّ هَبَّت شُعوبٌ مِن مَنِيَّتِها * وَاِستَيقَظَت أُمَمٌ مِن رَقدَةِ العَدَمِ
رَأى قَضاؤُكَ فينا رَأيَ حِكمَتِهِ * أَكرِم بِوَجهِكَ مِن قاضٍ وَمُنتَقِمِ
فَاِلطُف لِأَجلِ رَسولِ العالَمينَ بِنا * وَلا تَزِد قَومَهُ خَسفاً وَلا تَسُمِ
يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِمينَ بِهِ * فَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَح حُسنَ مُختَتَمِ